الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

«غزوة عكاشات»



احمد هاشم الحبوبي
في الاول من آذار 2013، اعلن مصدر امني عراقي ان مقاتلين ينتمون الى مجموعات مقاتلة ذات توجه اسلامي، بينها «جبهة النصرة»، و«كتائب الفاروق»، و«أحرار الشام»، سيطروا مساء اليوم المذكور على مدينة اليعربية والمعبر الحدودي مع العراق ورفعوا العلم الخاص بهم فوق المنفذ وذلك بعد اشتباكات عنيفة استمرت يومين مع «الجيش النظامي السوري».
وكشف المصدر أنه قد أصيب ثلاثة عراقيين، هم مدنيين اثنين وعسكري واحد، من جراء الاشتباكات التي دارت بين «الجيش النظامي السوري» ومقاتلي «النصرة». وأعلن عن اغلاق «منفذ ربيعة» العراقي (المقابل لمنفذ اليعربية) حتى اشعار آخر لحين انتهاء الاشتباكات وانجلاء الموقف.
ثم أعلن عن لجوء (65) من الجنود والموظفين السوريين الذين يعملون في المعبر إلى العراق، وأن قوات الجيش العراقي قامت بإخلاء الجرحى منهم إلى إحدى المستشفيات العراقية القريبة لتقديم العلاج اللازم لهم. وهذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها جنود سوريون إلى العراق من جراء مواجهات بينهم وبين المعارضة المسلحة في المعابر والنقاط الحدودية مع العراق.
وبعد ان أُسْعِفَ المصابون من جنود «الجيش النظامي السوري» في المستشفيات المحلية، قرر قائد المنطقة العسكري، في الرابع من آذار 2013، إعادتهم إلى سوريا عبر «معبر الوليد» العراقي الذي يقابله «معبر التنف» في الجانب السوري. واختار القائد العسكري ان ينقلهم براً برفقة حماية عسكرية ضئيلة جدا نسبيا إذا ما أخذت خطورة المنطقة بنظر الاعتبار ومن دون أن يطلب غطاء جوي من سلاح المروحيات العراقي. أي ان هذا القائد الهُمام اخطأ في كل خياراته.

وتعرّضَ الرتل لكمين نصبه مقاتلو تنظيم «دولة العراق الإسلامية» (الفرع العراقي لتنظيم «القاعدة») في منطقة مناجم «عكاشات» القريبة من الرطبة (380 كلم غرب بغداد). وأسفر الهجوم عن مقتل (50) من اللاجئين السوريين و (12) من قوة الحماية العسكرية العراقية المرافقة. علما انه ما من جهة حكومية رسمية اصدرت بيانا تضمَّنَ اعداد الضحايا، والأرقام المتداولة مصدرها ضباط آثروا ابقاء هوياتهم طي الكتمان.

خريطة 1: يشترك العراق وسوريا بحدود برّية يبلغ طولها 605 كيلومتر. العلامة العلوية: منفذا ربيعة العراقي واليعربية السوري الذي يقع في اقصى شمال سوريا حيث جرت المواجهات بين الجيش النظامي السوري والفصائل المسلحة السورية. العلامة الثانية: الموقع الذي تمت فيه مهاجمة القوات العراقية المرافقة للاجئين السورين. [ المصدر:  Institute for the Study of War Iraq Updates].

وجاء في بيان لوزارة الدفاع العراقية أن الموكب الذي كان في طريقه إلى منفذ الوليد الحدودي تعرض إلى «عدوان غادر من قبل مجموعة إرهابية متسللة إلى داخل الأراضي العراقية قادمة من سوريا»، مشيرة إلى أن الجنود السوريين، الجرحى والعزل، لجئوا إلى العراق للحصول على اسعافات طبية.
أي ان وزارة الدفاع لم تكن تدري ان تنظيم «دولة العراق الإسلامية» هو من نفذ الهجوم وليس «متسللين» من سوريا. وربما هي لا تريد أن تدري، حفظا لماء الوجه.
ثم تبنى التنظيم المذكور العملية ببيان مؤرخ في 07 آذار 2013 (نشر البيان في 11 آذار 2013) بعنوان «بيان عن غزوة عكاشات المباركة». وجاء فيه ان العملية حصيلة عمل استخباري مشترك لكوادر التنظيم في كل من محافظتي نينوى والأنبار، وأن المهاجمين ابادوا كل افراد الرتل.

استهداف حقل عكاس الغازي

خريطة 2: يقع حقل عكاس الغازي في اقصى غرب العراق، 30 كيلومترا جنوب مدينة القائم، وبالقرب من الحدود السورية. يحتوي الحقل على احتياطي غازي ضخم جدا تعمل شركة كوكاز الكورية الجنوبية تجهيز وتنفيذ كل متطلبات استخراجه. [المصدر: BUSSINESS MONITOR INTERNATIONAL]
تعاظم نشاط المسلحين في محافظة الانبار ومنطقة الحدود «العراقية - السورية» منذ «غزوة عكاشات»، حيث هاجم مسلحو  تنظيم «دولة العراق الإسلامية» في الأول من نيسان 2013، شركة مقاولات محلية تعمل في حقل غاز عكاس (AKKAS) الذي تطوره شركة الغاز الكورية الجنوبية (KOGAS) في محافظة الأنبار، وقتلوا اربعة عمال محليين وخطفوا اثنين آخريْن وأضرموا النار في مكاتبها وسياراتها. لقد نفذ الهجوم في نفس يوم انعقاد «ملتقى الاعمال والاستثمار العراقي الكوري في بغداد» بحضور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
يؤكد هذا الهجوم عجز القوات النظامية العراقية التام عن الامساك بأمن بادية الانبار. كما يكشف عن افتقار القوات النظامية العراقية، بمختلف تشكيلاتها، لهيئة تخطيط وتوجيه تقوم بتحليل ودراسة المواجهات العديدة التي حصلت مع تنظيم«القاعدة» للاستفادة منها وتعديل الخطط بموجبها.
وفي التاسع من نيسان 2013، أعلن «ابو بكر البغدادي» أمير تنظيم «دولة العراق الإسلامية»  عن «إلغاء اسم دولة العراق الإسلامية وإلغاء اسم جبهة النصرة وجمعهما تحت اسم واحد الدولة الإسلامية في العراق والشام». وذلك تلبية لنداء «ايمن الظواهري»، الزعيم العالمي لتنظيم «القاعدة»، الذي دعا قبل ذلك بيومين إلى «اقامة دولة إسلامية مجاهدة، دولة تكون لبنة في عودة الخلافة الراشدة».
كما أكد «ابو بكر البغدادي» أنه هو الذي سمى الجولاني  زعيما لـ«جبهة النصرة»، وأن مقاتلين توجهوا من العراق إلى سوريا، مشيرا إلى أن تنظيمه يزود نظيره في سوريا بالمال والمقاتلين. وتابع «نمد أيدينا وقلوبنا واسعة للفصائل المجاهدة في سبيل الله والعشائر الأبية في ارض الشام، على أن تكون كلمة الله هي العليا وتحكم البلاد والعباد بأحكام الله تعالى، من دون أن يكون لغير الله تعالى أي نصيب في الحكم». وقال «لا تجعلوا الديمقراطية ثمنا للآلاف الذين قتلوا منكم».
قبل «غزوة عكاشات» بعشرين يوما، وبالتحديد في 16 شباط 2013، عبر سبعة من مقاتلي المعارضة المسلحة السورية خط وقف القتال مع اسرائيل طلبا للعلاج فيها بعد ان اصيبوا في المواجهات مع القوات الحكومية. وقد استقبلتهم اسرائيل وأجرت لهم اللازم. وبعد احد عشر يوما، اعيد ستة منهم إلى سوريا عبر مكان لم يفصح عنه «حرصا على سلامتهم الشخصية». أما السابع فقد ابقي عليه في المستشفى لحاجته لرعاية صحية اضافية بسبب شدة اصابته. وأعلنت اسرائيل، في 4 آذار 2013، عن لجوء اربعة مصابين إلى قواتها طلبا للعلاج. وأكدت أنها اجرت لهم اللازم.
والطريف، ان لا احد تحدث عن صهيونية أو يهودية أو كفار، كما في الحالة العراقية، والسبب واضح بالتأكيد. فالإسرائيليين انقذوا مقاتلين من المعارضة في حين ان العراقيين انقذوا جنودا حكوميين.
نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في الثاني من آب 2013، على لسان قائد القوات الإسرائيلية في الجولان، العميد تمير هايمان، قوله «إن أطراف الصراع في سوريا، خصوصا قوات النظام والحركات الجهادية الإسلامية أوحت لإسرائيل أنها ليست معنية بصِدامٍ معها. وأن كلا منها منشغل في معركته الأساسية ضد بعضهما البعض. وقال إن الهدوء عاد إلى الحدود في الجولان. وكل طرف يسعى لكي لا تسقط قذائف في إسرائيل. وعندما تسقط يسارع إلى التأكيد أنها قذائف طائشة وغير موجهة لإسرائيل.«. [المصدر: جريدة الشرق الأوسط السعودية، 3 آب 2013 العدد 12667].
احتفاء بسقوط «معبر اليعربية» بأيدي مقاتلي «النصرة» وحلفائهم؛ أعلن «الائتلاف الوطني السوري» ان ثوار سوريا اختاروا لجمعة (08 آذار) شعار: «جمعة سورية والعراق: ثورة تطفئ نار المجوس» . وهذه اول مرة يتم فيها الجمع بين العراق وسوريا في شعار واحد.
يحمل هذا العنوان معاني ودلالات هامة، فـ«دولة العراق الإسلامية» و«جبهة النصرة» لهما عدو معلن واحد لم يحيدا عنه أبدا وهو «الشيعة الصفويون والنصيريون الانجاس». وهم يقاتلون من اجل إسقاط حكومتي بغداد ودمشق لإقامة دولة الخلافة. لأجل هذا انتقى «الائتلاف الوطني السوري» هذا العنوان.
لا يقصد من الإشارة للمساعدة الطبية الاسرائيلية لقوى المعارضة السورية المسلحة التلميح لعلاقات مشبوهة بين الطرفين، بل للتنبيه إلى هول الاشتباك «الشيعي - السُنّي» وأثره السلبي المدمر على المنطقة بأكملها، وكيف انه تمكن من ابتلاع كل العداوات الأخرى.
سيطرت «وحدات حماية الشعب» الكردية (YPG) على معبر اليعربية في 25 تشرين الاول 2013، بعد مواجهات دامية مع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» والتنظيمات الأخرى المتحالفة معهما.

صدام حسين ومسعود برزاني .. من خلّف ما مات

المقدمة حين يدور حديث أو مقال يدور عن «أبو علي الشيباني» [ 1 ] عادة ما يبادر أحدهم بالاعتراض مستنكرا: ليش [= لماذا] لا تتحدث عن «أبو ثقب...