الأحد، 7 ديسمبر 2014

إعلان فشل صداقة


احمد هاشم الحبوبي

     يعيش معي في مدينتي بضعة ألف مهاجر عراقيّ من مهاجري تسعينيات القرن الماضي ومهاجري القرن الحالي الذين غادروا العراق بعد الانحطاط الذي ساد بعد الغزو الأمريكي.
    كلّ محاولاتي لبناء صداقات جديدة اصطدمت بجبل الانتماءات العرقية والطائفية والمناطقية. وبقيتُ أنا ابن بغداد وحدي لا صديق لي. دون أن أنس شريكتي الرائعة زوجتي ندى التي اقضي معها أسعد الأوقات.
·       اتقرب الى الكردي السنّي وأقول له:
-         نحن أبناء الشرق الاوسط وأننا اخوة في الإنسانية، وأرغب بصداقتك.
-         فيقول لي: صحيح ولكن، للأسف، لغتك عربية ودماؤك عربية وروحك عربية، إذهب وابحث عن صديق لك مِنْ بني قومك.
·       اتقرب من العربي السنّي وأعرض عليه صداقتي وأقول له أنني مِنْ بغداد العاصمة التي تتسع لكل العراقيين وتصهرهم بمختلف اصنافهم. ومن باب التودد أقول له:
-         إن لدي شهادة من أخي الكردي بأنّ "لغتي عربية ودمائي عربية وروحي عربية".
-         فيواسيني مُحَدّثي بابتسامة باردة ويقول لي: لقد حَدَّثنا الإمامُ في الجمعة الماضية أنّ الروافض أشدّ كفرا وعداوة للمسلمين والإسلام. وأنت من صُلْبِ الروافض وأصلهم. ومهما قلتَ إنك من بغداد، ولكنك تبقى نَجفي وروحك نَجَفية شيعية رافضية.
·       فأيمم وجهي شطر الشيعي باعتباره الملاذ الأخير، ومن باب التقرّب أقول له:
-         إنّ لي شهادة مِنْ إمام سنّي تؤكد انني شيعي ورافضي.
-         فيردّ عليَّ محدثي بلباقة وتعاطف واضحيْن: إمّا تشيُّعك فهو بائن ولا غبار عليه. ولكن انتم القادمون الجدد كلكم مِن أيتام النظام السابق، وإلاّ فكيف بقيتم في العراق طوال ذلك العهد. ثم انني لم أرك يوما في الحُسَيْنية ولم تشارك يوما في عزاء.
·       وتذكّرتُ المسيحي، وقلت له
-         إنني من مدينة المنصور في بغداد وإنّ كلّ سكّان حيِّنا كانوا مسيحيين وإنني ما كنتُ أعرفُ الفرْق بين التشيع والشيوعية حتى الصف الثالث المتوسط، فعرفت أن الأول مذهب والثاني فكر.
-         فيسخر منّي المسيحي ويقول لي: "مهما قلتَ ولمّحْتَ فلن تخفي اسلامك. ولا فرق عندي ان كنت شيعيا أو سُنيّا، فأنت مسلم أولا وأخيرا. أرجوك ابعد عن حياتي تماما، أما يكفيك أنّي تركتُ لك العراق!؟"
     حملتُ نفسي ومعي كل صفاتي، من العروبة الى الترّفض، وما بينهما، وذهبتُ الى حانة رائعة في مركز المدينة، ورَجَوْتُ النادلَ أن يسعفني بكأس ذهبية تسابق الشمس في بريقها وألَقِها، وغسلتُ روحي من كلّ ما عَلِقَ بها مِنْ أدران المحادثات السابقة.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صدام حسين ومسعود برزاني .. من خلّف ما مات

المقدمة حين يدور حديث أو مقال يدور عن «أبو علي الشيباني» [ 1 ] عادة ما يبادر أحدهم بالاعتراض مستنكرا: ليش [= لماذا] لا تتحدث عن «أبو ثقب...