احمد هاشم الحبوبي |
يبدو ان المعارضة الهجينة باتت على مشارف سحب الثقة من
رئيس الوزراء نوري المالكي، هذا اذا سَلـَّمْنا بأن المعارضة قد ضمنـَت فعلا تأييد
غالبية نواب البرلمان، وإذا سَلـَّمْنا أيضا بأن هذه الغالبية ستبقى متماسكة حتى
ساعة التصويت.
أما لماذا أرى المعارضة هجينة، فهذا لسببين؛ أولا لأنها
معارضة مُمَثـّلة بالكامل في السلطة التنفيذية، أي أنها ليست جالسة على مقاعد
الاحتياط حالها حال كل المعارضات التي تحترم نفسها ولديها إستراتيجية مخالفة
للحكومة الحالية تريد أن تجربها لتحسين أحوال البلد، وثانياً؛ فأطراف المعارضة لا
يجمعهم دافع مشترك في سعيهم نحو إسقاط الحكومة أو رئيس الوزراء بالتحديد، فكل يغني
على ليلاه.
إنّ القائمة العراقية أخذت عهدا على نفسها بتنغيص نوري
المالكي وإعاقة عمل حكومته منذ أن "حُرِمـَتْ" من تشكيل الحكومة الذي
اعتبرته حقا لها باعتبارها الكتلة الأكبر قبل أن يتحد التحالفين الشيعيين لتشكيل
الكتلة الأكبر. أن العراقية مازالت تؤكد أن ما جرى من إعلان التحالف الشيعي لا
يعدو عن "مؤامرة شيعية" حصلت
على غطائها الشرعي عبر "المحكمة الدستورية المتهاونة مع نوري المالكي".
أما التحالف الكردي فلا دافع لهم سوى تعزيز مصالح
إقليمهم شبه المنفصل عن الوطن ولتعزيز حضورهم في بغداد دون أن يسمحوا لبغداد
بممارسة أي من حقوقها التي كفلها لها الدستور في الإقليم، كإدارة المنافذ الحدودية
والسيطرة على السلاح الثقيل والمشاركة في إدارة العقود النفطية ومنع تهريب النفط
عبر إيران وتركيا، إضافة إلى أن التحالف الكردي مصمم على المضي بسياسة معاقبة وعزل
كل من يأبى الانصياع للمطالب الكردية حتى ولو تعارضت مع الدستور أو إرادة الأغلبية.
وقد افلح الأكراد في تنفيذ عقوبة العزل بحق رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري
ورئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني والنائب صالح المطلق الذي شمل بإجراءات
هيئة المساءلة والعدالة بقصد حرمانه من حق الترشح للبرلمان. وما كان لهذا أن يحصل
لولا انصياع الكتلة الشيعية لإرادات التحالف الكردي.
وليس بعيدا عن ذلك؛ فالتيار الصدري واقع تحت تأثير
عاملين يتعلقان بمستقبله السياسي ككل، فالتيار يرقب بكثير من القلق تنامي شعبية كل
من نوري المالكي وكتلة المواطن، والأخيرة تستعيد قاعدتها الجماهيرية الواسعة وتعيد
تنظيمها للتهيؤ للانتخابات البلدية في السنة القادمة والانتخابات النيابية في
السنة التي تليها. وكتلة المواطن مُصِرّة على عدم تكرار خطيئة انتخابات 2010 حين
ذهبت عشرات الآلاف من أصوات ناخبيها لصالح جهات أخرى في الائتلاف الوطني، ففقدت
كتلة المواطن عددا لا يستهان به من مقاعد البرلمان. لقد أكـّد النائب عن التيار
الصدري بهاء الاعرجي أكثر من مرة أن منافسيهم هم دولة القانون والقوى الشيعية الأخرى
وليس التحالف الكردستاني أو القائمة العراقية اللذان، وفقا لبهاء الاعرجي، ينشطان بعيدا عنه إقليميا وجماهيريا. وأوضح
بهاء الاعرجي يجعل التنافس والتناحر على أشده بين مكونات التحالف الوطني [=
التحالف الشيعي] لأنهم يتنافسون على نفس الجمهور وفي نفس الإقليم.
الأمر الثاني الذي اقلق التيار الصدري هو إشارات تقارب
وقبول بين دولة القانون وعصائب أهل الحق. ورغم ما أبداه التيار من قلق على لسان
السيد مقتدى الصدر، إلا أن دولة القانون لم يبادروا للتخفيف من هواجس الصدريين
تجاه التقارب المذكور، بل أعلن عبر وسائل الإعلام
قبل بضعة أشهر أن هناك نية لدعوة العصائب لحضور المؤتمر الوطني الذي كان
مزمع عقده. ولم ينتهي السجال إلا بعد أن أعلنت العصائب أنها لن تشارك في المؤتمر. ولا
يخفى علينا، أن العصائب مجموعة منشقة عن التيار الصدري وتنافسه في عقر داره وليس
إقليمه فحسب.
إنّ هكذا تحالفات هشة متناقضة الدوافع والرؤى محكومة
بالانهيار الدراماتيكي السريع، فهم لا يعرفون ما الذي سيفعلونه بعد تنحية نوري
المالكي، وكل ما اتفقوا عليه هو أن المرشح البديل سيكون من التحالف الشيعي
باعتباره الكتلة الأكبر لا غير ولا نعرف كيف سيتمكن التيار الصدري من إقناع
التحالف الشيعي بتقديم مرشح آخر غير نوري المالكي الذي مازال يحظى بدعم كتلته المطلق
التي هي الأكبر ضمن التحالف الشيعي، إلا إذا قرر التيار الصدري أن يمثل الشيعة
بمفرده.
تضخمت الخصومة، فاستحالت وَرَماً باتَ يعيق الغُـرَماء
عن الرؤية إلى ما هو ابعد من أنوفهم.
ahabobi@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق