السبت، 8 ديسمبر 2012

اياد علاوي وناخبه العربي

احمد هاشم الحبوبي


لا جدال في أن رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف العراقية إياد علاوي مناضل عتيد وأنه وقف ببسالة كادت تكلفه حياته بوجه النظام البائد. ويكفي أن نقول علاوي دون اية إضافة أخرى لنعرف أنه هو المعني لا غيره. وكان لفترة حكمه أن تشهد التداول السلمي الاول في العراق الجمهوري الذي صبغه العسكر بالدم حتى عام 2003. وستبقى سُنَّةُ علاوي هذه تحسب له، وستبقى مَثـَلاً يُحْتَذى طالما نأينا بالعسكر بعيدا عن المشهد السياسي.

إن أهم ما افرزته الانتخابات النيابية السابقة هو أن كل من شاركوا بها قد قيَّموا حضورهم الجماهيري أكثر من قدره الصحيح. وهنا اقصد الكتل والزعامات الكبيرة الفائزة وليس الكيانات السياسية التي اخفقت اخفاقا تاما في اثبات حضورها الجماهيري.

ولا اريد اجترار ما قلته وما قيل في ذلك ولكني فقط اود أن أُذَكـِّر بالفترة الطويلة التي استغرقتها القوى السياسية العراقية للائتلاف على حكومة ولدت مأزومة منذ ساعة ولادتها إلى يومنا هذا، ولا يوجد ما يوحي بأن هذا المولود المعتل بصدد التعافي من المرض الولادي الخطير الذي حمله معه من رحم أمـِّه. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن الزعماء السياسيين لم يتمكنوا من تجاوز مرارة تلك الأشهر ـ وليس الأيام ـ، فمازال إياد علاوي يردد بكرة وأصيلا أن منصب رئيس الوزراء قد سلب منه نتيجة لتواطؤ اميركي ـ ايراني ـ سوري ـ شيعي.

منذ اليوم الذي تولى فيه نوري المالكي رئاسة وزراء العراق، اغلق علاوي كل ابواب التعاون والتواصل مع الاول، وانهمك في تكسير مجاديف الحكومة، وصار لا يأل جهدا للتنكيل بنوري المالكي وانتقاد كل ما يقدم عليه. ورُبَّ قائل يقول أن المالكي هو مَنْ ابْعَدَ علاوي عن التأثير على ساحة العمل الحكومي والمحلي، ولكن ذلك لا يوضح لنا لماذا قـَبِلَ علاوي بذلك.

نشهد اليوم حدثا مفصليا مهما جدا ستجلي تداعياته صورة العراق الجديد، هل سنستمر مع الأكراد أم بدونهم، فبغض النظر عن تأكيداتهم المستمرة أنهم لا يريدون الانفصال عن العراق؛ إلا أن كل سلوكياتهم تشي بعكس ذلك تماما، فالأكراد على مشارف تحقيق الحلم الذي يداعب مخيلة كل كردي في أن يكون لهم وطنهم القومي اسوة بالأقوام الكبيرة الأخرى.

أمام حدث مفصلي هام كهذا لا ينبغي بعلاوي أن يصطف مع الأكراد ضد العرب، لا لشيء إلا لمناكفة نوري المالكي ومحاولة استغلال ظروف الأزمة لسحب الثقة عنه، فقد حصل هذا في نيسان الماضي حين تماشى دون تردد مع مساعي مسعود بارزاني لسحب الثقة عن حكومة المالكي. وأعاد علاوي فعل ذلك دون أن يلتفت للأسباب التي حدت ببارزاني لفعل ذلك. وها هو يعيد اليوم نفس الخطأ حين اصطف (وأيضا بدون تردد) بجانب مسعود بارزاني دون تقديم اية مبررات مقنعة، لا لشيء إلا لكي يشفي غله من المالكي «الذي سلب منه منصب رئيس الوزراء».

لقد صوَّتَ لعلاوي قرابة الاربعمائة وخمسون ألف ناخب في بغداد وحدها في الانتخابات النيابة عام 2010، وربما صوَّت أكثر من هذا العدد لصالح القوائم المؤتلفة تحت ائتلاف العراقية اكراما لعينه وإيمانا بنهجه الوطني. إنّ الغالبية الساحقة من ناخبي علاوي هم عرب يمتدون من الموصل شمالا حتى البصرة. ولو ترشَّحَ علاوي (أو احدا من حلفائه) في إقليم كردستان لما تجاوز عدد من صوتوا له من الأكراد بضعة عشرات. وهذا يحتم على علاوي أن يقيم وزنا للجزء العربي من العراق الذي تناهز نسبته الثمانين بالمائة من عدد السكّان.

أي نهج يتعامل مع الأكراد على أنهم جزء اصيل وباق من الشعب العراقي هو تفكير سطحي أو مشبوه. أنها مسألة وقت ليس إلا، فبمجرد توفر الظروف الإقليمية المناسبة؛ سوف لن يتردد الأكراد في الانفصال وإعلان دولتهم القومية حتى بدون انتظار حسم المناطق المختلطة في كركوك وغيرها من المحافظات المحاذية لإقليم كردستان.

حين تواجه الأمّة احداثاً مفصلية كبرى، لا يجوز للقادة الكبار إلا أن يبقوا كبارا ويضعوا مصلحة البلد في اعلى سلم الاولويات، وإياد علاوي كبير بالتأكيد. 
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صدام حسين ومسعود برزاني .. من خلّف ما مات

المقدمة حين يدور حديث أو مقال يدور عن «أبو علي الشيباني» [ 1 ] عادة ما يبادر أحدهم بالاعتراض مستنكرا: ليش [= لماذا] لا تتحدث عن «أبو ثقب...