احمد هاشم الحبوبي |
لا تشبه حالة مظهر محمد صالح، نائب محافظ
البنك المركزي، كل من سبقوه أو عاصروه من المسؤولين الكبار الذين اتهموا بقضايا
فساد، فهو المسؤول الكبير الوحيد الذي عاد بملء ارادته إلى البلد رغم علمه بصدور
أمر القاء القبض عليه وهو خارج العراق، وذهب بنفسه إلى مركز الشرطة وسلم نفسه
للسلطات. ولولا انه وجد نفسه بريئا لما
عاد إلى ارض الوطن، ولكان فعل كما فعل حازم الشعلان (وزير الدفاع الأسبق) وأيهم
السامرائي (وزير الكهرباء الأسبق) وراضي الراضي (رئيس هيئة النزاهة الأسبق) وعبد
الفلاح السوداني (وزير التجارة الأسبق) وعبد القادر العبيدي (وزير الدفاع السابق)
الذين غادروا العراق هربا من العقاب.
أما لماذا لم ادرج محافظ البنك المركزي
الهارب سنان الشبيبي ضمن أسماء الهاربين؛ فلأنـّه أعلن عبر وسائل الإعلام انه يخاف
العودة إلى العراق خوفا من الضياع في غياهب السجون. وقد اثبتت الأيام صدق حدسه،
فها هو زميله مظهر محمد صالح العائد بملء ارادته بقي حبيسا في السجن «دون تحقيق
جدي» لأكثر من اربعين يوما حتى اطلق سراحه بكفالة.
إذا كان موظفا كبيرا كمظهر محمد صالح لا يحصل
على تحقيق سريع ولا يستطيع الجهاز القضائي أن يؤمن له حقوقه المدنية الاساسية في
أن «المتهم بريء حتى تثبت ادانته» وبالتالي ليس لأحد في الكون أن يسلب حريته دون
مسوغ قانوني مشروع؛ كيف لنا أن نصدق أن هذا الجهاز سيضمن حق المواطن الاساسي في
التنعم بالحرية.
إنّ فترة توقيف مظهر الطويلة لا تحسب أبدا
لصالح الجهاز القضائي، فلا يمكن المحاجة بأن حالة مظهر تثبت أن لا احد فوق
القانون، فهذا ادعاء باطل يتطلب منا أن نضع على الطاولة معاناة المعتقلين لفترة
طويلة قد تمتد لسنوات دون أن يحقق معهم أو يعرضوا امام القضاء. إضافة لأولئك الذين
صدرت اوامر قضائية بالإفراج عنهم دون أن تجد تلك الاوامر طريقها للتنفيذ.
لو كان لمُظْهِر «ظَهْراً» يستند عليه لما
كان حاله هكذا، بل لكان حاله كحال الذين سُهـِّل لهم هروبهم وافلتوا من العقاب. فحين
يتعلق الأمر بأحد المدعومين فإنّ القضاء العراقي يحاكي عدالة السماء، فعبد الفلاح
اطلق سراحه رغم ما شاب اداءه من شبهات فساد اقتنع بها القضاء وحكم عليه بالسجن لسبع سنوات، لكن بعد غادر الوطن. وكذلك
الحال مع طارق الهاشمي؛ فرغم الادلة التي تدينه؛ فقد سمح له بمغادرة بغداد نحو
اربيل التي لا تملك الحكومة المركزية أو السلطات القضائية أي سلطة أو تأثير عليها.
يجب أن نقر بأن قضاءنا كسول، حاله حال كل
مؤسسات الدولة التي «تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل».
إذا ما تفهمنا انعدام الخدمات والأمن، لا
ادري كيف ستبرر السلطات الثلاث سلب حقوقنا المدنية. إنّ المواطن العادي يمكن أن
يترك ليتعفن في غياهب السجن بناءا على الشبهة دون أن يهتز للعدالة جفن.
تحية للأستاذ مظهر الذي «سنّ سُنـّة حسنة
سيحصد أجرها وأجر من عمل بها» حين عاد إلى الوطن ليثبت براءته وعفته عن المال
الحرام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق