يرى العديد من كتاب ومراسلي معاهد البحوث والصحافة الاوروبية ان السعودية
ظلـّت، على الدوام، المصدر الرئيسي لإغناء التنظيمات التكفيرية الجهادية، فكرياً
وفقهياً ومالياً وبشرياً، مما مكّنَ السعودية من السيطرة عليها وتوجيهها
واستخدامها كسلاح مشرع بوجه عدوّها الاول، إيران وحلفائها (المفترضين) وقتما تريد.
الكاتب والباحث غيدو شتاينبرغ |
برنار سكاوارسيني |
وفيما يتعلق بـ«قاعدة» لبنان بالذات، فيؤكد سكاوارسيني ان «كل المجموعات
الجهادية التي بايعت «القاعدة»، المتمركزة في المخيمات الفلسطينية قرب صيدا
وطرابلس، تتلقى تمويلها بشكل أساسي من الأمير بندر سلطان (رئيس الاستخبارات
السعودية) الذي يقود سياسته الإقليمية منفرداً ومستقلاً عن أشقائه وأبناء عمومته».
[صحيفة السفير اللبنانية، العدد 12647، محمد بلوط].
عبد الرحمن عمير النعيمي |
لا يقتصر الأمر على السعودية وقـَطَر؛ فهناك دول أخرى تموّل الإرهاب، ففي حزيران
2012، دعا السعودي ماجد الماجد (أمير «كتائب عبد الله عزام» الذي مات في 4 كانون
الثاني 2014) في رسالة صوتية مستمعيه على «التبرع للمقاتلين في سوريا»، قائلا إنه
«لا أحد يمكنه منعهم من دعم أشقائنا في سوريا، وكل شخص يمكنه جمع المال من معارفه
وأقاربه ومن النساء وتوصيله لمن يثق بهم في سوريا والدول المحيطة بها». وبيّنَ
الماجد لمن لا يعرف أحدا يقدم له المال، أن «في الكويت نشاطا جيدا في جمع المال
للمقاتلين السوريين يقوده علماء دين معروفون، وأسماؤهم معلنة، والوصول إليهم سهل».
إلا ان الحكومة الكويتية تؤكد ان «الدعم المقدّم عبر قنواتها الرسمية
وبرعايتها يقتصر فقط على المساعدات الانسانية وأعمال الاغاثة». أما الاموال التي
يتم جمعها عن طريق الجمعيات الخيرية الكويتية او تلك التي تتلقاها الجهات الإغاثية
في سوريا وتقدمها بدورها لبعض الفصائل المتقاتلة، فهي «بالتأكيد ليست من ضمن
المساعدات الخاضعة لرعاية ودعم الدولة».
باتريك كوكبرن، مراسل صحيفة الإندبندنت |
ويورد كوكبرن دليلا رسميا أميركيا ثانيا جاء بعد ثمانية أعوام من هجمات 11
ايلول، برقية من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون موجهة للسفارات الامريكية، تحت
عنوان «تمويل الإرهاب»، مؤرخة في 30 كانون الأول 2009، ومنشورة على موقع
«ويكيليكس»، جاء فيها أن «المتبرعين في السعودية هم الاغزر مساهمة في دعم المجموعات
الإرهابية السُنـّية حول العالم». ثم تؤكد هيلاري كلينتون «أن السعودية تظل الداعم
المالي الأكثر أهمية لـ«القاعدة» و«طالبان» و«عسكر طيبة» وغيرها من مجموعات
الإرهابيين السُنّة. وجاء في البرقية أيضا ان «القاعدة» تستغل الكويت كمموّل ومحطة
تبادل أيضا.
السفير كريستوفر هيل |
ولفت السفير هيل الى أن «المسؤولين العراقيين يرون أن العلاقات مع السعودية
من أكثر مشكلاتهم تعقيدا مع أنهم يحرصون عادة على عدم انتقادها بقسوة أمام المسؤولين
الأميركيين نظرا لعلاقتنا الوثيقة بالسعوديين»، مبينا أنهم «يؤكدون سماح القيادة
السعودية بصورة دورية لرجال الدين السعوديين بصب جام غضبهم على الشيعة»، مؤكدا أنه
«يعزز النظرية العراقية بأن الدولة السعودية الوهابية ترعى التحريض الطائفي».
عودة إلى كوكبرن الذي يرى ان «أميركا وبريطانيا ابدتا «ضبط نفس» مثير
للدهشة تجاه الاموال المتسربة من السعودية ودول الخليج الاخرى إلى جيوب
الارهابيين، لأنهما لا تريدان الاساءة لحليف وثيق. كما ان العائلة المالكة
السعودية تعرف جيدا كيف تبذل المال من اجل كسب ودّ «الطبقة الحاكمة الدولية». كما جرت
محاولات غير مقنعة لربط إيران والعراق بتنظيم القاعدة عندما كان الجاني الحقيقي
على مرأى من الجميع».
تقدم السعودية على توقيع صفقات شراء سلاح بمبالغ هائلة تستقبلها الدول
الغربية وكأنها هدية من السماء. ولا تبني السعودية عقودها العسكرية بناءا على
حاجتها الفعلية، بل يراد منها كسب ودّ دولة بعينها، كما يحصل دائما مع الولايات
المتحدة وبريطانيا وأخيرا فرنسا التي ظفرت بعقود تجهيز معدات عسكرية قد يتجاوز
مجموع اثمانها العشرين مليار دولار، وذلك ثمنا للموقف المتشدد الذي اتخذته فرنسا
اتجاه ايران اثناء مفاوضات (5+1).
ويضيف كوكبرن سببا آخر (لغض النظر
الأميركي) وهو تبدل اولويات «تنظيم القاعدة»؛ فأسامة بن لادن كان يرى في أميركا
عدوه الأكبر (ولم تناصبه أميركا العداء إلا بعد ان جاهر بعداوته لها قولا وفعلاً)،
في حين ان الغالبية الساحقة من الجهاديين السُنّة الحاليين يرون في الشيعة خصمهم
الأوحد، وها هم الشيعة يـُقتلون بالآلاف في العراق وسوريا و باكستان، وحتى في
البلدان التي يوجد فيها عدد قليل منهم، مثل مصر». وسوف لن تحاربهم أميركا
وبريطانيا قبل ان يفعلوا ما فعله ابن لادن قبلهم.
يرى الكاتب دانا ميلبانك ان هناك الكثير من الجماعات التي تدعي ولاءها لتنظيم
«القاعدة» الذي يضمهم إلى صفوفه عن طيب خاطر، وأن «الغالبية العظمى مما يطلق عليه
جماعات «القاعدة» تركز على الشؤون الداخلية لبلدانها وليس على الولايات المتحدة أو
الإرهاب العالمي بالدرجة الأولى».
ويذهب حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إلى نفس ما ذهب إليه
كوكبرن، فهو يرى ان ابو بكر البغدادي أمير تنظيم «داعش» يلتزم خط ابو مصعب
الزرقاوي الذي كانت اولويته «مواجهة المشروع الصفوي الإيراني والشيعة». في حين ان «بن
لادن والظواهري كانا يتبنيان مواجهة العدو الأكبر كأولوية، والمتمثل في الغرب
والولايات المتحدة وحلفائها».
ويؤكد كوكبرن ان الإدارة السعودية المدفوعة بالغضب من تراجع أميركا عن ضرب
سوريا ونجاح المفاوضات حول النووي الإيراني، تنفق مليارات الدولارات لتسليح
تنظيمات جهادية لا تنتمي لتنظيمي «داعش» و«النصرة»، ولكنها تحمل نفس العداء تجاه
الشيعة. وستؤدي الستراتيجية السعودية إلى مزيد من الضحايا السوريين. وستنتهي
بسوريا إلى ما آلت إليه افغانستان؛ عبارة عن مجموعات مسلحة تفتقر لأي اطار سياسي
يجمعها».
الكاتب والصحفي روبرت فيسك |
ويواصل فسك: «إن أميركا تدعم الثوار العلمانيين الذين يحاربون (الرئيس بشار)
الأسد الذي يحارب الإسلاميين التكفيريين. وفي ذات الوقت، تنثر السعودية الاموال
على تنظيم «داعش» المرتبط بـ«القاعدة» التي تحارب الثوار العلمانيين وقوات الرئيس
بشار الأسد. وفي نفس الوقت تتبرع السعودية بمليارات الدولارات (خمسة مليار) لدعم الجيش المصري الذي يحارب «القاعدة» في مصر».
[صحيفة «الإندبندنت» في 05 كانون الثاني 2014].
السفير جيمس جيفري |
ويقول جيفري ان نغمة إدارة اوباما تبدو غير حاسمة في الشرق الاوسط، وهي على
ما يبدو ترسل إشاراتٍ الى الكل بأنّ الأولوية الأولى هي أن لا نقحم الولايات
المتحدة في أي نوعٍ من الأعمال العسكرية، وأنها لا تريد فقط أن تتجنب فيتنام جديدة
بل وحتى أن تتجنب غارةً جديدةٍ بصواريخ كروز أو تواجداً عسكرياً صغيراً متواصلاً
في أفغانستان أو نشر بضعة عشرات من خبراء أمريكان في مجال مكافحة الإرهاب ليوفروا
المشورة للعراقيين عن كيفية النيل من القاعدة في الفلوجة. والنتيجة كانت انهياراً
غير اعتياديٍ لمصداقية الولايات المتحدة في المنطقة بالرغم من الكثير من الخطوات
المحمودة التي قامت بها الإدارة». وأكد جيفري ان لكلمات الولايات المتحدة اثرا
عميقا على «حلفائنا وشركائنا وأعدائنا حول العالم، فهم أيضاً جمهورٌ يستمع الينا».[الواشنطن
بوست 07 كانون الثاني 2014 وصحيفة العالم العراقية 12 كانون الثاني 2014].
الصحفي مشاري الذايدي، أحد صقور
صحيفة الشرق الاوسك السعودية
|
ويقول محمد الرميحي، وهو كويتي يكتب في الصحيفة المذكورة، ان «الوجه الجديد
للمشروع الإيراني المعضد من بعض العرب (الشيعة في العراق وسوريا ولبنان) هو
استعداء العالم على الأوطان تحت ذريعة أن بعض مواطنيها (السُنّة) ينزعون إلى
الإرهاب، وبذلك حلت ساعة إضعافها لفتح الباب مشرعا أمام الثورة العالمية الإسلامية
التي بشر بها الدستور الإيراني».
ويضيف الرميحي ان «ذاك أمر يفضح بوضوح طبيعة التحشيد وشكل التضليل الذي يراد
اليوم أن ينتشر بين الناس، وهو باختصار أن المملكة العربية (السعودية) وراء
«التكفيريين»، التوصيف الذي يستخدمه أيضا كبار مسؤولي بغداد بجانب مصفوفة من
الداعين، عن وعي أو غيره، للمشروع التوسعي الإيراني الذي يسعى للاستحواذ على
الإسلام عن طريق العرب (يقصد الشيعة في العراق وسوريا ولبنان)». [الشرق الأوسط، 11
كانون الثاني 2014، العدد 12828].
ان وجهة نظر ابرز الكتّاب الغربيين المختصين بقضايا الشرق الأوسط هذه،
توثـّقُ الدور التدميري الذي تمارسه الإدارة السعودية في العراق وسوريا ولبنان
التي تئنّ شعوبها من وطأة الاعتداءات اليومية التي تستهدف المدنيين الأبرياء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق