يا نجيَّ الله
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد |
ألقيت هذه القصيدة في مدينة النجف الأشرف بتاريخ 12/12/1997، احتفاءً بالذكرى الثمانينية لرحيل الشاعر والفقيه والمجاهد الكبير السيد محمد سعيد الحبوبي. وقد ألقاها الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد. طابَ ثرى الشاعريْن.
أُعفُ عنّي واقفاً بينَ يَدَيكْ
|
أيُّها المُشْرِفُ من عالي الذُّرا
|
أنا مِن أرضي هُنا أرنـُو إلـيكْ
|
بَينَما أنتَ سَماءٌ لا تُرى!
|
هكذا طَيفُكَ لي
لَيلاً بَدا
مثلَ نَجمٍ لَفـَّهُ غَيمُ الرَّدى
وَتَلالا
ضَوؤهُ رغمَ المَدى
|
|
مالئاً عَيني بوَمضَيْ مُقلَتَيكْ
|
مالِكاً قلبي، دَرى أو ما دَرى
|
أنا طفلاً كنتُ هَيمانَ علَيكْ
|
مُنذُ أن نَـبْعُكَ في قلبي جَرى!
|
مُذْ "غزالِ الكَرخِ والكأسِ الهَني
وَرَجـــا
صاحِبِهِ عبدِ الغَني
إسْقِني واشرَبْ أو اشرَبْ واسْقِني"
|
|
مُنذُها، والشِّعرُ يُدنيني إليكْ
|
مانِعاً عن مُقلَتي طَيفَ الكَرى
|
كيفَ أعتَى لُغَةِ الضّادِ لَدَيكْ
|
تَستَوي نَبْعـاً
وَ تَجري أنهُرا!
|
يا نَدى الحَرفِ وَيا حَرْفَ النـَّدى
وَ يَدَ الحَقِّ جِهاداً
وَهُدى
أنتَ كنتَ الصَّوتَ والدَّهرُ صَدى
|
|
والمُروءاتُ نَمَتْ في رَحْبَتَيكْ
|
سارياتٍ حَيثُ مَرقاكَ سَرى
|
أيُّها العابِدُ طأطِيءْ عارِضَيكْ
|
قَلَّ أنْ مِثلَهُما مَسَّ الثَّرى!
|
يا إمامَ الحُبِّ، ثمَّ الغَزَلِ
يا مَن التَّـقوى بِهِ تَـقوى وَلي
سَـيِّدي أفديكَ هَلاّ قُلتَ لي
|
|
كيفَ إذْ تَحني خشوعاً مَنكِبَيكْ
|
يَنحَني خَلفَهُما كلُّ الوَرى
|
بَينَما الـفِـتـنـَةُ تَـغـزو
ناظِرَيكْ
|
"قَمَراً تَمّاً، وَظَبياً أعْفَرا"!
|
زَعَمُوا أنَّكَ لَم تَـعـشَـقْ، وَلـَم
وَهُمـو أربابُ حَرْفٍ وَقـَلَمْ
تَرِبَتْ أقلامُهُم .. هذا الألَمْ
|
|
والجَوى هذا الذي في جانِحَيكْ؟
|
هذهِ الأوجاعُ .. كانَتْ بَطَرا
|
أمْ هُمو ما فَهِموا إغـضـاءتَيكْ
|
هذهِ تَـقوى، وَهذي خَفَرا!
|
مَنْ يَقُلْ عن سِربِ غِزلانٍ سَني
"يَـتَبـالَـهْنَ وَقَـد
يَـعرِفـنَني"
"وَهـوَ فـيهـِنَّ غَضيضُ الأعيُنِ"
|
|
إنَّ مَن يَرصُدُ ما في نَظرَتَيكْ
|
مِن وُلوعٍ في خُشوعٍ
أُسِرا
|
يَفهَمُ الجُرحَ الذي في بُردَتَيكْ
|
يا شَـهيداً في الهَوى ما أُجِرا!
|
رَحمَةُ اللهِ على شَـيخي البَصيرْ
كانَ لي في حَيرَتي نِعمَ النَّصيرْ
قالَ لي يَوماً: أتَرضى أن يَصيرْ
|
|
صاحِبُ الغُرِّ الأثيراتِ لَدَيكْ
|
جاهلاً بالحُبِّ مَقطوعَ العُرى؟
|
قلتُ: كلاّ والذي أوحى إليكْ
|
هوَ أدرى فيهِ مِن كلِّ الوَرى!
|
سيِّدي،
يا أطهَرَ الناسِ يَدَينْ
وأعَفَّ النَّاسِ خَـفَّـاقــاً وَعَـينْ
مِن مَعاني حَسَنٍ، أو مِن حُسَينْ
|
|
مَلأَ الحُبُّ تَـقـيـَّاً جـاِنِحَيـكْ
|
لـِيـُحِـبـَّا شَرْطَ أنْ لا يُـؤسَرا
|
إنَّ نِبراسَ الهَوى وَقْفٌ عًليكْ
|
أنتَ في الحُبِّ تَرى ما لا نَرى!
|
أيُّها السَّــاهِـدُ قـَلْـبـاً وَحَـدَقْ
أيُّها الـعـــابِدُ وَ فـَّى وَصَــدَقْ
أيُّها الـواصِـدُ باباً لا يـُدَقْ
|
|
دونَ أنْ يَستأذِنَ السَّاعي إليكْ
|
حَـذَ راً، أو خَـفَراً ، أو بَهَرا
|
فَإذا قـَبـَّلَ
في حُبٍّ يَـدَيـكْ
|
فَـكَـأنْ قَـبـَّلَ كَــفـَّيْ
حــَـيْـدَرا!
|
أنتَ يا شِبْهَ عَليٍّ في المـِهادْ
في تـُـقــاهُ، وَ
إبــاهُ، و الـجـِهـادْ
والَّـذي عـَوَّدَ عـَيـنـَيكَ السُّهادْ
|
|
إنَّ مِن هَيْبَـتِـهِ في وَقــفـَتـَيـكْ
|
خـاشـِـعـاً لـِلَّـهِ أو مُنـتـَـصِـرا
|
صُـو رَ ةً تـُسـْبِغُ مَعـنـاهُ عَلـَيـكْ
|
سـاجـِداً في دَمِهِ مُـدَّثـِرا!
|
هـكـذا جـَدُّكَ في أيـَّـــامِـهِ
تـَسـطَعُ الشـَّمسُ على أعلامِـهِ
وَذُرا مَعْـنــاهُ في إسـلامـِهِ
|
|
وَبِمَعـنــاهُ قَرأنـا صَـفـحَـتـَيكْ
|
فـَرَأينـاكَ بــِهِ مُؤتـَزِرا
|
حامِلاً آيـَتـَهُ في أصـغـَرَيكْ
|
قَلبَ لَيثٍ وَلِساناً أجهَرا !
|
يا كـَبـيراً في التـُّقى والغـَزَلِ
يا نَجيَّ الـلَّـهِ مُنــذُ الأزَلِ
يا بَـقـــايــا حَسَنٍ بَـعـدَ عَلي
|
|
كلُّ مَن يَصـعَـدُ مَرقَى قَـدَمَـيـكْ
|
حـامِلاً ضَوءَكَ قِنـديلَ سُرى
|
فـَلَـقـَدْ أنْبَتَ إحدى حُسْنَيَيكْ
|
وَهَـجَـاً في قــَلـبـِهِ
أو مَطَرا
|
سَيـِّدي ، يا سَـيـِّـدَ الدُّنيا جَميـعـا
يا خـَضيبَ القلبِ دَمعاً وَنَجيعا
أيُّـهـا الـَّرا كِـِعُ لـِلـَّــهِ
صَريـعــا
|
|
أنا ذْ أطرُقُ
بابَيْ
مَحـْبِسَـيـكْ
|
مَحبِسَ العِلمِ، وَ حَبْساً أخطَرا
|
هوَ حَبْسُ الرُّوحِ في اللهِ لَـدَيـكْ
|
هـكـذا الـقـدِّيسُ يَسعى بَشَرا!
|
هكذا أنتَ عظيمٌ سـيِّدي
أيِّدٌ عَن أيِّدٍ عَن أيِّدِ
أنا إذْ أحملُ طِرسي بيَدي
|
|
مُنشِداً مِسكينَتي بَينَ يَدَيكْ
|
مِثلَ مَن يُبْضِعُ تَمراً هَجَرا
|
فَلأنِّي مُوثَقُ القلبِ لَدَيكْ
|
فأقِلْني عاثِراً مُعــتَـــذِرا !
|
أيـُّهـا
القلبُ الذي لم يَجِفِ
لِسِوى اللهِ، وَلَم يَرتَجِفِ
سَيِّدي، مِن عُمْقِ أرضِ النَّجَفِ
|
|
أرفَعُ الصَّوتَ مِن القلبِ إليكْ
|
آمِلاً، مُبتَهِلاً، مُستَـغـفِرا
|
فـَسَـلامُ اللهِ مَـولايَ
عَـلـَيـكْ
|
ما ظَلامٌ عن صَباحٍ أسـفَرا
|
ملاحظة: كل ما بين الأقواس تضمين من موشحات السيد المجاهد محمد سعيد الحبوبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق