الأحد، 3 فبراير 2013

اثر «الهلال الاخواني» على التطورات السياسية في الكويت

احمد هاشم الحبوبي


بدأ عام 2012 وانتهى على تحذيرات قائد شرطة دبي ضاحي خلفان مِن تنظيم «الاخوان المسلمين» وما يخبؤه لدول الخليج بالذات، فقد تصدرت انتقادات خلفان المباشرة والصريحة (وربما القاسية احيانا) الصفحات الأولى من جرائد الخليج العربي ومواقع التواصل الاجتماعي التي كانت وسيلة اساسية لنشر ارائه وقناعاته. ويكفي أن عدد تغريداته على تويتر قد تجاوزت الاربع وعشرين ألف تغريدة، اغلبها متعلقة بالإخوان.
وكان التحذير الاخطر الذي وجهه خلفان هو اعلانه عن أن الكويت ستكون اولى محطات التغيير الاخواني في دول الخليج، وأكد أنها ستسقط بيد الاخوان المسلمين في عام 2013. وبيـّنَ خلفان انه استقى معلوماته من اجهزة مخابرات غربية.
ادلى خلفان بتصريحه المذكور، والكويت كانت ترزح تحت برلمان ذي غالبية إسلامية اذاقت الحكومة المر وقيـّدَتْها باستجوابات كان لها اول وليس لها آخر، فحجـّمَت من قدرتها على العمل. أما على الصعيد الخارجي؛ فقد بات لإسلاميي البرلمان الكويتي رأيا في الملفات الخارجية، ابتعدوا فيه كثيرا عن الموقف الرسمي الكويتي الذي يرفض التدخل في شؤون الدول الأخرى. وبالتوازي مع ذلك؛ رفض اسلاميو البرلمان الكويتي كل محاولات الحكومة لترطيب الأجواء ومحاولة بناء جسور جديدة للتواصل بين الطرفين. كل هذا جعل تحذير خلفان يجد له اسس وشواهد واقعية وموضوعية.
وشهدت الكويت تصعيدا سياسيا غير مسبوق أدى بأمير الكويت صباح الاحمد بتعليق اجتماعات البرلمان لمدة شهر بتاريخ 11-06-2012. وبعد ذلك بيومين اصدرت المحكمة الدستورية الكويتية حكمها ببطلان  «عملية الانتخاب برمتها التي أجريت بتاريخ 02-02-2012 (التي جاءت بنواب الأزمة للبرلمان)، في الدوائر الخمس وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الأمة (السابق الذي أمر أمير البلاد بحله بتاريخ 06-12-2011) وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة التي تمت على أساسها هذه الانتخابات مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها ان يستعيد المجلس المنحل بقوة الدستور سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن وذلك على النحو الموضح بالأسباب». وبذلك وقع حكم المحكمة الدستورية كالبلسم على الجرح.
يقول الصحفي مشاري الذايدي في مقال له بعنوان «لماذا الكويت» أن «المواجهة المرهقة بين الحكومة والبرلمان، ليست وليدة اليوم ولا هي من منتجات «الربيع العربي» كما يسمى، فقد تعين الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيسا للحكومة لأول مرة في فبراير (شباط) 2006، واستقالت حكومته للمرة السادسة بفعل ضغط المعارضة في نوفمبر [= تشرين الثاني] 2011. الجديد، هو توظيف «جو» الربيع العربي - الإخواني، في المعركة الكويتية الداخلية، التي لها أسباب تخصها ونابعة من وضعها وظرفها الملتصقة بها». [جريدة الشرق الاوسط، العدد 12368، 26-10-2012]
ويبين الذايدي انه «في التحشيد الأخير على حكومة ناصر المحمد 2011، الذي ترافق مع زخم الشعارات الانتفاضية في ميادين القاهرة واليمن وتونس وليبيا [لم يشر الذايدي لسوريا]، رفع شعار جديد على القاموس الكويتي السياسي الداخلي، وواضح منه التأثر بجو الربيع العربي ومحاولة استثمار طاقة الزخم فيه، وهو شعار: «ارحل»، الذي قيل لمبارك مصر، وبن علي تونس، وغيرهما. لاحظ عزيزي القارئ أن المواجهة بين البرلمان والمعارضة التي تسانده في الشارع، سابقة لكل فصل الربيع العربي - الإخواني، ولكن تمت إضافة هذه اللمسة الربيعية عليه لمحاولة إلحاق الحالة الكويتية بالحالة الربيعية العربية كلها، بشكل أو بآخر».
ولضمان عدم عودة «نواب الأزمة»؛ اصدر أمير البلاد مرسوما بتاريخ 05-11-2012، يقضي بتعديل آلية التصويت ليختار الناخب مرشحا واحدا بدلا من اربعة. ورغم رفض قوى المعارضة لهذا التعديل وتهديدهم بمقاطعة الانتخابات، إلا أن أمير اصر على التعديل. وجرت الانتخابات فعلا بدون الاسلاميين بتاريخ 02-12-2012.
وفيما يخص العراق، فقد اقر أمير الكويت (مستفيدا من انتقال السلطة التشريعية إليه في فترة غياب البرلمان) خطة تسوية ملف الخطوط الجوية العراقية بعد أن اتفق الطرفان العراقي والكويتي على تعويض الاخير بخمسمائة مليون دولار بدلا من مليار ومائتي مليون دولار كان الكويتيون يطالبون بها. وما كان لهذا الاتفاق ليمر بوجود برلمان الأزمة الذي ابطلته المحكمة الدستورية.
إن ابرز ما تمخضت عنه الانتخابات الكويتية هو تراجع حضور الاسلاميين فيه، فقد فاز اربعة اسلاميين بدلا من ثلاثة وعشرين في المجلس السابق، إضافة لفوز سبعة عشر نائبا شيعيا (كان عددهم سبعة في مجلس شباط 2012) أي ما نسبته 34% من مجموع الأعضاء . وهو عدد غير مسبوق لم يحققه شيعة الكويت من قبل. وما كان الأمران ممكنين لولا مقاطعة بعض العشائر والقوى الإسلامية للانتخابات. لقد شَكَّـلت الحالة الكويتية هذه اختراقا مهما جدا، الشيعة العرب هم بأشد الحاجة إليه لدحض ادعاءات من يطعنون في ولائهم لأوطانهم وعروبتهم.
باتت معظم الدول العربية ترى في «المد الاخواني» خطرا كبيرا يتهددها، بما لا يقارن بـالهلال الشيعي الآيِل للأفول، فالإسلاميين لهم امتدادات خارج الحدود يخططون لتغيير نظام الحكم ويروجون «لمنظمة عالمية» همّها الأكبر الحصول على موطئ قدم في إحدى دول الخليج العربي المتخم بالثروة والبترول.
إنّ وجود برلمان متناغم مع الحكومة في الكويت يكاد يمثل فرصة ممتازة للتسريع في انهاء الملفات العالقة بين بلدينا، فبوجود الاسلاميين المتشددين ما كان يمكن أبدا حسم أي من الملفات العالقة بين بلدَيـْنا.
كما أن الفرصة باتت مؤاتية للولوج نحو دول الخليج العربي عبر بوابة الكويت. وهي نفس البوابة التي غادرنا الخليج عبرها حين اقدم النظام السابق على غزو الكويت وتدميرها.




  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صدام حسين ومسعود برزاني .. من خلّف ما مات

المقدمة حين يدور حديث أو مقال يدور عن «أبو علي الشيباني» [ 1 ] عادة ما يبادر أحدهم بالاعتراض مستنكرا: ليش [= لماذا] لا تتحدث عن «أبو ثقب...