نفط الإقليم والحكومة المركزية المتخاذلة
منذ نيسان 2003 وإلى يومنا هذا تفجرت الكثير من الصراعات بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد. ولا بد من الإقرار بأن النصر انعقد للإقليم في الغالبية العظمى من تلك الصراعات. ليس لأن الإقليم كان على حق، بل لحسن إدارته لتلك الصراعات، مستفيداً من عوامل عدة، أهمها:
1) ضعف الحكومة المركزية وتفكك أطرافها.
2) الصراع الشيعي العربي ـ السني العربي المحتدم. الأمر الذي دفع الطرفين المتخاصمين لكسب ود إدارة الإقليم بأي ثمن. وقد استثمرت إدارة الإقليم ذلك عبر الحصول على حصة من الميزانية أعلى من استحقاق الإقليم، ترافق مع ذلك الاستحواذ على واردات نفط الإقليم وجزء مهم من واردات نفط كركوك ونينوى. وقد مارس الإقليم سياسة "خذ وطالب".
3) بروز الإقليم كملاذ آمن للعرب السُنّة، الأمر الذي اضطرهم لمزيد من التغاضي عن تجاوزات الإقليم على أراضيهم وثروتهم النفطية (في نينوى مثلاً).
4) اتحاد كل القوى السياسية الكردية والتحدث بصوت واحد مع بغداد حين يتعلق الأمر بحقوق الإقليم وامتيازاته.
5) استثمار العلاقات القوية التي تربط أحزاب الإقليم بالقوى الشيعية الحاكمة في بغداد.
6) تأسيس وتمويل وسائل إعلامية مهمة (جرائد، قنوات فضائية، مواقع نشر الكترونية، صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي) يمكن من خلالها توجيه وإدارة الصراع اعلامياً بما يتوافق وإرادة إدارة الإقليم. إضافة لشراء ذمم صحفيين وناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، كسباً لأصواتهم وأقلامهم، أو على الأقل صمتهم. كما اتّبعت إدارة الإقليم ستراتيجية "أسلم تسلم" مع وسائل الاعلام التابعة لجهات أخرى.
كان يمكن أن تستمر الأمور كذلك، وتواصل إدارة الإقليم استشرائها لولا خطيئتان كبيرتان ارتكبهما مسعود برزاني رئيس الإقليم السابق. أولى كبائره كانت في اشتراكه في مؤامرة "حزيران 2014"، التي حولّها تنظيم «داعش» إلى انتصار ساحق له كاد أن ينتهي باحتلال أربيل لولا دعم إيراني عاجل وفاعل لأربيل، إضافة لقلة موارد "داعش" البشرية. وبعد تأمين أراضي الإقليم من غزو «داعش»، كشر برزاني عن كامل انيابه واستولى على كافة "الأراضي المتنازع عليها" (عدا تلك الواقعة تحت سيطرة «داعش»). ومن الضروري الإشارة الى ان الغالبية الساحقة من سكان هذه الأراضي هم من العرب السنّة. ولم يألُ برزاني جهداً في امتهان حكومة بغداد والتمرد عليها، بل وحتى اذلالها.
ولكن، وكعادة كل زعماء العراق والشرق الأوسط، ارتكب مسعود خطيئته الكبرى الثانية، التي أطاحت به من عليائه، ألا وهي إصراره على إجراء استفتاء الاستقلال عن العراق في أيلول 2017، رغم المناشدات والتحذيرات والتهديدات الإقليمية والدولية من عواقب ذلك. لقد أعادنا برزاني أكثر من ربع قرنٍ إلى الوراء، مذكراً إيانا بعناد وقصر نظر وحماقة صدام حسين الذي أصر على مواصلة احتلال دولة الكويت الشقيقة رغم المناشدات والتحذيرات الدولية له.
وأسوة بسابقه صدام حسين بعد حماقة الكويت، عُوقِبَ مسعود أيما عقوبة، فقد قُلِعَت أنيابه وانتزعت أشواكه، وخسر الغالبية الساحقة من الأراضي المتنازع عليها التي سطا عليها جوراً وعدواناً. كما استعادت الحكومة المركزية كركوك، "قدس كردستان" كما كان يسميها جلال طالباني. والطريف أن قوات جلال نفسها هي التي سلمت كركوك دون قتال. لقد جرى كل ذلك بإشراف وتنسيق إيراني تركي أمريكي. ولا يخفى ان إيران كانت المدير التنفيذي. وانتهى الامر بمسعود ان أعلن استقالته من رئاسة الإقليم وإلغاء المنصب لحين انتخاب رئيس جديد وسلم إدارة الإقليم لنجيرفان ابن أخيه وزوج ابنته، ليتم، بعد أقل من سنتين، انتخاب نجيرفان رئيساً للإقليم ومسرور ابن مسعود رئيسا للوزراء. كما استحوذ برزانيون آخرون على كل المناصب الأمنية الحاكمة، فالأمن هو سلاح حكم العوائل.
إن استخدامي لمصطلح "إدارة الإقليم" ليس واقعياً، فالإقليم يدار حصراً من قبل عائلة برزاني (تحت عنوان الحزب الديمقراطي الكردستاني) في محافظتيْ أربيل ودهوك، بالتنسيق مع عائلة طالباني (تحت عنوان حزب الاتحاد الوطني الكردستاني) في محافظتيْ السليمانية وكركوك (قبل أن تعود كركوك إلى حضن الحكومة المركزية في 16 تشرين الأول 2017). إنني لا أسعى لشخصنة الصراع بين أربيل وبغداد، ولكن هذا هو ديدن العراق، فنحن نسمي عهودنا بأسماء رجالاتها، لذلك نقول: زمن نوري السعيد وعبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وأحمد حسن البكر وصدام حسين. وبعد الاحتلال الامريكي توزع دم الزعامة بين الطوائف، بهيئة أحزاب تتحكم بها عوائل كبرزاني وطالباني والحكيم والصدر أو اشخاص كمثل نوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي.
استعادت حكومة الإقليم توازنها تدريجياً. ولم يتوقف الإقليم عن تصدير النفط حتى في خضم الأزمة. ولم تستثمر الحكومة المركزية انكفاء مسعود وانحسار نفوذه لتنظيم عملية التصدير وفقاً للدستور والقوانين النافذة. واكتفت حكومة العبادي بإعادة بسط سلطة الدولة على كركوك وبعض المدن التابعة لها. ولم يشأ العبادي الذهاب أبعد من ذلك ويبسط سلطة الدولة على المنافذ الحكومية وتصدير النفط. وبقيت سلطة الإقليم تتحكم بهذين المفصلين الهامين جداً. ولا اعتقد ان العبادي تقاعس أو امتنع في هذين المجالين، بل خضع لإرادات إقليمية ودولية فاعلة لا يقوى على مناكفتها.
يبدو الأمر أن إيران وتركيا هما الدولتان التي قررتا حدود العقوبات المفروضة على الإقليم. من السهل على المراقب أن يستنتج أن عقيدة هاتين الدولتين (ومعهما الدول المعنية بشؤون العراق) تجاه برزاني تقوم على مبدأ:
"لك أن تفعل ما تشاء، صدّر النفط واستحوذ على ثمنه، تمرد على بغداد ونكّل بالحكومة المركزية، لك ان تستولي على أراضي العرب، بع النفط لمن تشاء، حتى لإسرائيل، واحتفظ بثمنه لنفسك وأسرتك وأودعه في أي مصرف تشاء، حتى في المصارف الإسرائيلية، لكن لا تقترب من «خطيئة الاستقلال» مرة أخرى، فهذه ثمنها مدوٍّ». استوعب برزاني الدرس وقبل العرض، على الأقل مرحلياً.
أود ان أسلط بعض الضوء على سياسة مسعود النفطية، لما لها من أهمية وتأثير مباشرين على كل الشعب العراقي لأن اقتصادنا ريعي أحادي المورد. يبلغ انتاج الإقليم حالياً ستمئة ألف برميل يومياً، بوارد يومي مقداره ستة وثلاثون مليون دولار يومياً وسنوي مقداره ثلاثة عشر مليار ومئة مليون دولار سنويا (بواقع 60 دولاراً للبرميل). لا يُسلِّم الإقليم سنتاً واحداً من هذه الواردات للحكومة المركزية. ورغم ذلك تستمر الأخيرة في تسديد حصة الإقليم من الموازنة، رغم ان قانون الموازنة اشترط على الإقليم تسليم واردات مئتين وخمسين ألف برميل من صادراته اليومية (ما يعادل خمسة عشر مليون دولار يومياً). وتحتج حكومة برزاني بأن الموضوع ما زال قيد التفاوض. والخاسر الوحيد من هذا الانتظار هو أبناء المحافظات الخمسة عشر الأخرى.
يقول الخبير النفطي حمزة الجواهري إن «إقليم كردستان يصدر من خمسمئة وخمسين ألف الى ستمئة ألف برميل يومياً من نفط الإقليم، زائداً ثلاثين إلى خمسة وثلاثين ألف برميل يومياً من آبار شرق كركوك، إضافة لثلاثين ألف أخرى من آبار نفط نينوى في القيارة وبطمة وصفية، زائداً مئة إلى مئتي صهريج يومياً من كرميان والنفط خانة، ليبلغ مجموع صادرات الإقليم من نفط "المناطق المتنازع عليها" أكثر من ثمانين ألف برميل يومياً. وبذلك فإن صادرات الإقليم تفوق الستمئة ألف برميل يومياً. كما يصدر الإقليم الغاز أيضاً. ولا يحصل العراق على دولار واحد من ذلك». [1].
ويبين الجواهري أن الكميات المصدرة هذه تستقطع من حصة العراق المتفق حولها مع منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك. وكلما يزيد الإقليم من صادراته يضطر العراق إلى تخفيض صادراته حتى لا يتجاوز حصته من الصادرات المحددة. يضطر العراق لذلك رغم عدم حصوله على أي مردود من جراء هذا التخفيض، ورغم ارتفاع الإنتاج والقدرات التصديرية في وسط وجنوب العراق [1].
تواطؤ وتخاذل عادل عبد المهدي
يدافع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن مجاملته [= صمته وتغاضيه] عن تمادي حكومة بارزاني بالقول: «أنا ملتزم بقانون الموازنة العراقية الذي يلزم إدارة إقليم كردستان بتسليم 250 ألف برميل يوميا لشركة النفط الوطنية سومو. وإذا لم تسلم فيتم اقتطاعه [= اقتطاع ثمنها] من حصتها في الموازنة ونسلمها الباقي. أما رواتب موظفي الإقليم، فنحن ندفعها بالكامل لأن هذا يفرح سكان إقليم كردستان ويربط أبناء الوطن ببعضهم» [2]. هكذا، بكل سذاجة، يبرر ضياع ستة وثلاثين مليون دولار من الخزينة المركزية يومياً.
لا يوجد نص في قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 ما يدعم ادعاء عادل المهدي. حيث جاء في المادة (1 - أولاً - ب) أن الإقليم ملزم بتصدير 250 ألف برميل يومياً وأن يسلم ثمنها للخزينة المركزية [3]. وجاء في المادة (10 – ثانياً) إن إقليم كردستان ملزم بتصدير ما لا يقل عن 250 ألف برميل يومياً، على أن تلتزم محافظات اقليم كردستان بتسليم الايرادات المتحققة فعلاً لحساب الخزينة العامة للدولة عند حصول زيادة في الكميات المصدرة المذكورة [3]. ولمزيد من التوضيح، أرفقتُ النصوص المتعلقة من قانون الموازنة الاتحادية في نهاية هذا المقال.
لا يكترث عادل عبد المهدي لبيانات وزارة النفط في حكومته وبيانات عشرات المؤسسات الدولية الرصينة التي ترصد وتوثِّق الإنتاج النفطي في أرجاء المعمورة التي تؤكد كلها أن الإقليم يصدر من 500 ألف إلى 600 ألف برميل يومياً، ويصر على المئتين وخمسين ألف برميل التي لم يسلم الإقليم برميلاً واحداً منها يوماً. إن تبريرات عادل عبد المهدي تبعث على الغثيان. وأود التذكير بستراتيجية حكومة برزاني في استغلال علاقاته مع الجهات الحاكمة في بغداد لإمرار سياساته ومصالحه.
التغاضي الإعلامي
عادة ما يستنفر الصحفيون والإعلاميون من أصحاب البرامج الحوارية المُتابعة جماهيرياً والناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي وينبرون معاً للتصدي لفساد أو تجاوز أحد أجهزة الدولة أو مؤسساتها أو موظفيها. فيقومون بتحشيد الجماهير (إذا لم نقل تأليب الجماهير) وتطغى القضية المُثارة على كل ما عداها. وهذا تصرف مبارك ومحمود لأنه يحمي ثروة البلد والحقوق المدنية وديمقراطيتنا الوليدة المباركة.
لكن همة إعلاميينا تخفتُ وتتضاءل حين يكون الإقليم هي المتجاوز والمعتدي، حيث تتجنب الغالبية الساحقة منهم ابداء موقف يغضب إدارة إقليم كردستان. وإذا ما تجرأ أحدهم، فإنه يتصدى بأسلوب مهادن. وهذا أمر يصعب تبريره وقبوله.
إنّ الإعلامي الوحيد الذي تصدى لسرقات الإقليم بمهنية وصدق هو نبيل جاسم من خلال برنامجه الناجح "وجهة نظر" الذي يبث من على شاشة قناة دجلة الفضائية العراقية، فاستضاف الخبير النفطي حمزة الجواهري الذي قدم معلومات وبيانات إحصائية ومالية دقيقة جداً وموثقة كشفت عن حجم الخسارة المتحققة على الخزينة المركزية. أما الاعلاميون الباقون فبلعوا ألسنتهم أو قاربوا الموضوع بسطحية ومرّوا على عليه مرور المضطر.
وبمجرد أن تأخذ القضية مداها إعلامياً وجماهيرياً وتصبح موضوعاً ضاغطاً على الحكومة ومجلس النواب، يتم، بقدرة قادر، حرف الزخم الإعلامي والشعبي عبر اشغال الرأي العام بقضايا أخرى ليست بأهمية "سرقة واردات نفط الإقليم والمتنازع عليها"، كرواتب لاجئي «معسكر رفحاء» و«مهرجان كربلاء» وتوسعة بناية محمد باقر الصدر. وهذا أمر برع فيه الذراع الإعلامي لحكومة برزاني في استخدامه.
والطريف أن القانون الذي أُقرت بموجبه رواتب لاجئي مخيم رفحاء يشمل الأكراد الذين لجأوا إلى مخيمات لجوء في إيران. لكن لا أحد في الإعلام يأتي على ذكر ذلك، فالضجيج محصور في لاجئي رفحاء فحسب، والسبب معروف وواضح. لا بد من التنويه بأني لست مع تبديد أموال الدولة وتمييز شريحة على أخرى، حتى لو كان ذلك بقانون.
صمت الحشد الشعبي
يؤكد الخبير النفطي حمزة الجواهري أن إسرائيل هي إحدى أهم وجهات تصدير نفط إقليم كردستان. وأن الإقليم يودع واردات مبيعاته النفطية في مصارف إسرائيلية [1]. وهذا أمر ليس بغريب، فالعلاقات الكردية الإسرائيلية راسخة وقديمة من ستينيات القرن المنصرم. الأمر الغريب هو صمت «محور المقاومة» الذي هو الآخر بلع لسانه، فلم نسمع منه تنديداً أو استنكاراً.
ربما لا يدري «محور المقاومة» (أو إنه لا يريد أن يدري) أن الطائرات الإسرائيلية قبل أن تُغِـير على سوريا تُعبأُ خزاناتها بوقود عراقي مستخرج من آبار في أربيل وكركوك ونينوى. إن هذه الطائرات تقتل جنود الجيش العربي السوري ومقاتلي حزب الله وفصائل المقاومة العراقية الناشطة في سوريا والمستشارين الإيرانيين. وتوسع نشاط طائرات إسرائيل لتقصف مقرات الحشد الشعبي في العراق أيضاً. لا يمكن الترحم على القاتل والمقتول، فنكتب تحت لافتة الشهيد: "الشهيد المقاوم الذي استشهد بقصف طائرة إسرائيلية تطير بوقودٍ مستوردٍ من بلد مقاوم".
يخسر أبناء الوسط والجنوب 36 مليون دولار يومياً بسبب تهاون وتخاذل الحكومة المركزية ومجلس النواب والقوى السياسية الأخرى. ومن الضروري الإشارة إلى أن هذه الأموال لا تدرج في ميزانية الإقليم فيستفيد منها أبناء محافظات كردستان، بل تستولي عليها العائلتين الحاكمتين في كردستان وتستغلها لتعزيز نفوذها وجبروتها.
اتصل بي عدة أصدقاء ونصحوني بأن لا أشغل بالي بهذه القضية ولا بغيرها "فـكلّ شيء مخططٌ له ومتفقٌ عليه بين الرؤوس الكبار. وستذهب جهودك هباء أسوة بجهود سابقيك ولاحقيك". وأضاف صديق آخر أنه لا يرى ضيراً في أن "تسرق إدارة الإقليم النفط طالما أنها تصرف ثمنه على تطوير الإقليم ورفاهية مواطنيه". وعلّقَ آخر قائلاً: "ما تريد استرجاعه من العوائل الحاكمة في الإقليم ستسرقه العوائل الحاكمة في الوسط والجنوب". إن هذه الطروحات الانهزامية (هنا أنا أصف ولا انتقد) تبين موت القيم والمواطنة والأمل في أرواحنا وضمائرنا. لقد صرنا نرى الطبقة الحاكمة وكأنها قدر منزَّلٌ من الله تعالى ليس لنا ردّه.
إن الصمت ليس دائماً من ذهب.
المصادر:
[1] قناة دجلة الفضائية. وجهة نظر - كردستان يد عبد المهدي التي تؤلمه.. ويمسكها الجميع. (16 تموز 2019). (من الدقيقة 13).
[2] نبيل جاسم. رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في مقابلة مشتركة - وجهة نظر مع نبيل جاسم. (23 تموز 2019). (من الدقيقة 50)
[3] الوقائع العراقية – الجريدة الرسمية لجمهورية العراق. قانون رقم (1) الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2019. (العدد 4529 في 11 شباط 2019).
ملحق: نص الفقرة ب من المادة (1) والمادة (10) من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 ذات العلاقة بالمقال:
المادة 1 - أولاً - ب من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019: «احتساب الإيرادات المخمنة من تصدير النفط الخام على أساس معدل سعر 56 دولار (ستة وخمسين دولار) للبرميل الواحد ومعدل تصدير قدره (3880000) برميل يومياً (ثلاثة ملايين وثمانمئة وثمانون ألف برميل يومياً بضمنها (250000) برميل يومياً (مائتان وخمسون ألف برميل يومياً) عن كميات النفط الخام المنتج في اقليم كردستان على أساس سعر صرف (1182) دينار لكل دولار وتقيد جميع الإيرادات المتحققة فعلاً إيراداً نهائياً لحساب الخزينة العامة للدولة» [3].
المادة - 10-
أولاً: تتم تسوية المستحقات بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية للسنوات 2004 ولغاية 2018 بعد تدقيقها من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي وذلك باحتساب حصة إقليم كُردستان في ضوء المصاريف الفعلية للسنوات السابقة التي تظهرها الحسابات الختامية المصادق عليها من ديوان الرقابة المالية الاتحادي.
ثانيـاً:
أ- تلتزم حكومة اقليم كردستان بتصدير "ما لا يقل" عن (250000) برميل (مائتين وخمسين ألف برميل نفط) خام يومياً من النفط الخام المنتج من حقولها لتسويقها عن طريق شركة (سومو) وعلى ان تسلم الإيرادات النفطية الى الخزينة العامة للدولة حصراً.
ب- تخصص نسبة من تخصيصات القوات الاتحادية للجيش العراقي إلى رواتب قوات البيشمركة للقوات المذكورة بوصفها جزء من المنظومة الأمنية العراقية.
ج- تلتزم الحكومة الاتحادية بدفع مستحقات اقليم كردستان بما فيها تعويضات موظفي الاقليم ويستقطع مبلغ الضرر من حصة الاقليم في حالة عدم تسليمه للحصة المقررة من النفط في البند (أ).
د- تلتزم الحكومة الاتحادية ومحافظات اقليم كردستان عند حصول زيادة في الكميات المصدرة المذكورة في المادة (1 - أولاً - ب) من قانون الموازنة بتسليم الايرادات المتحققة فعلاً لحساب الخزينة العامة للدولة.
حين يكذب رئيس الوزراء
المقال الجديد
في كل مقابلة صحفية، يكرر عادل عبد المهدي نفس التبريرات التي يسوقها لتبرير صمته عن سرقة إدارة إقليم كردستان لواردات النفط المصدر المستخرج من محافظات الإقليم ونينوى وكركوك، والذي يصدّر بواسطة الخط الستراتيجي عبر الأراضي التركية.
يستثمر عادل عبد المهدي عدم اطلاع المواطن العادي على تفاصيل "قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2019". ولا أجافي الحقيقة إذا وصمتُ إعلاميينا بالجهل بالقانون المذكور. لذلك، حين يتناول الاعلاميون ملف واردات نفط الإقليم، فإن عادل عبد المهدي يستنسخ نفسه ويعيد نفس الأجوبة على مسامع محاوريه. ويغلق المحضر بعد أن "ذهب الحق".
يواري عادل عبد المهدي محاباته لإدارة الإقليم عبر الادعاء بأن الحكومة المركزية لا تدفع للإقليم سوى رواتب موظفي الإقليم باعتبار أن مواطني الإقليم عراقيون ومن واجب الحكومة المركزية تأمين العيش الكريم لهم أسوة بأقرانهم في المحافظات الأخرى. ويتم اقتطاع مبلغ المئتين وخمسين ألف برميل من حصة الإقليم في باقي فقرات الميزانية [1].
ويضيف عبد المهدي قائلاً «ستقولون إنّ الإقليم يصدر أكثر من 250 ألف برميل يومياً، هذه إشكالية تحتاج إلى حل، فهذه إشكالية لم تتطرق لها الموازنة. وهذه تحتاج إلى حوار وبحث مع الإقليم لتسليم واردات كل الكمية المصدرة كما تعتقد الحكومة الاتحادية. لكن للإقليم وجهة نظر يحاور بها ويستند فيها إلى الدستور وإلى السنوات الماضية. وهذا الخلل مردّه عدم إقرار قانوني النفط والغاز وتوزيع الموارد المالية. وبقي كل طرف يفسر الدستور على طريقته دون أن نصل إلى نتيجة» [1].
إن الأمر ليس كما يقول رئيس الوزراء، فقانون الموازنة حدد بمنتهى الوضوح مآل واردات نفط الإقليم. وكما يلي:
1) تبين الفقرة (1 – أولاً – ب) من القانون أن إقليم كردستان ملزم بتصدير ما لا يقل عن 250 ألف برميل يومياً، على أن تلتزم محافظات اقليم كردستان بتسليم الايرادات المتحققة فعلاً لحساب الخزينة العامة للدولة عند حصول زيادة في الكميات المصدرة المذكورة [2].
2) ألزمت الفقرة (10 – ثانياً – د) محافظات إقليم كردستان تسليم أية إيرادات إضافية تتحقق عند حصول زيادة في الكميات المصدرة عن المئتين وخمسين ألف برميل يومياً، لحساب الخزينة العامة للدولة [2]. (لمزيد من التوضيح، أرفقتُ النصوص المتعلقة من قانون الموازنة الاتحادية في نهاية هذا المقال).
مِنْ غير المعقول القبول بفرضية جهل رئيس الوزراء بقانون الموازنة العامة. ومن غير المعقول تصديق فكرة أن لا أحد من مستشاريه أو الوزراء والمدراء العامين المعنيين لم ينبهه إلى خطل طرحه. إنّ قراءة متأنية لتصريح رئيس الوزراء تكشف للقارئ أن الأخير يلعب دور محامي الشيطان، أولاً عبر انكاره وجود مادة قانونية تلزم الإقليم بتسليم كافة الواردات البترولية للميزانية المركزية، بغض النظر عن إقرار قانون النفط من عدمه. وثانياً عبر تبريره بلطجة حكومة الإقليم لأن لها وجهة نظر دستورية تسمح لها بعدم تسليم المبالغ المذكورة للميزانية المركزية.
لم يغفل قانون الموازنة أي حق من حقوق الإقليم المالية. كما لم يغفل التذكير بواجباته. حيث أوجب القانون تسوية "المستحقات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية للسنوات 2004 ولغاية 2018 بعد تدقيقها من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي" [2 (المادة 10 – أولاً)].
المصادر:
[1] المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء. رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي في حوار مع وسائل الاعلام العراقية والاجنبية 9 / 8 / 2019. (9 آب 2019).
[2] الوقائع العراقية – الجريدة الرسمية لجمهورية العراق. قانون رقم (1) الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2019. (العدد 4529 في 11 شباط 2019).
ملحق: نص الفقرة ب من المادة (1) والمادة (10) من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 ذات العلاقة بالمقال:
المادة 1 - أولاً - ب من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019: «احتساب الإيرادات المخمنة من تصدير النفط الخام على أساس معدل سعر 56 دولار (ستة وخمسين دولار) للبرميل الواحد ومعدل تصدير قدره (3880000) برميل يومياً (ثلاثة ملايين وثمانمئة وثمانون ألف برميل يومياً بضمنها (250000) برميل يومياً (مائتان وخمسون ألف برميل يومياً) عن كميات النفط الخام المنتج في اقليم كردستان على أساس سعر صرف (1182) دينار لكل دولار وتقيد جميع الإيرادات المتحققة فعلاً إيراداً نهائياً لحساب الخزينة العامة للدولة» [3].
المادة - 10-
أولاً: تتم تسوية المستحقات بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية للسنوات 2004 ولغاية 2018 بعد تدقيقها من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي وذلك باحتساب حصة إقليم كُردستان في ضوء المصاريف الفعلية للسنوات السابقة التي تظهرها الحسابات الختامية المصادق عليها من ديوان الرقابة المالية الاتحادي.
ثانيـاً:
أ- تلتزم حكومة اقليم كردستان بتصدير "ما لا يقل" عن (250000) برميل (مائتين وخمسين ألف برميل نفط) خام يومياً من النفط الخام المنتج من حقولها لتسويقها عن طريق شركة (سومو) وعلى ان تسلم الإيرادات النفطية الى الخزينة العامة للدولة حصراً.
ب- تخصص نسبة من تخصيصات القوات الاتحادية للجيش العراقي إلى رواتب قوات البيشمركة للقوات المذكورة بوصفها جزء من المنظومة الأمنية العراقية.
ج- تلتزم الحكومة الاتحادية بدفع مستحقات اقليم كردستان بما فيها تعويضات موظفي الاقليم ويستقطع مبلغ الضرر من حصة الاقليم في حالة عدم تسليمه للحصة المقررة من النفط في البند (أ).
د- تلتزم الحكومة الاتحادية ومحافظات اقليم كردستان عند حصول زيادة في الكميات المصدرة المذكورة في المادة (1 - أولاً - ب) من قانون الموازنة بتسليم الايرادات المتحققة فعلاً لحساب الخزينة العامة للدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق