الفقيه والشاعر محمد سعيد الحبوبي طاب ثراه، ابرز من ساهموا في
محاربة الانكليز بعد ان افتت المرجعية الدينية في النجف الأشرف
بالجهاد.
|
ويبدو ان السيد السيستاني لا يريد اقحام المرجعية في
المعترك السياسي، وأنه يكتفي بالخطب الاسبوعية التي يدلي بها فضيلة الشيخ عبد
المهدي الكربلائي كل يوم جمعة، تلك الخطب التي لا تحوي سوى " ينبغي" و
"على" و"نريد" و"نطالب" وغير ذلك من قوالب الكلام
الجاهزة المـُمِلّة التي لم تعد تستهوي أحدا. وهذا امر لم نعهده في المرجعية التي
كان لها مواقف واضحة وبارزة اثناء المفاصل الاساسية في تاريخ العراق الحديث منذ
اعلان الجهاد بوجه الاحتلال البريطاني والدعوة للوحدة الوطنية ودعم قضية العرب
المركزية فلسطين.
ان السيد السيستاني لم ينأى بنفسه عن الحياة السياسية
تماما، بل كانت له اسهامات رائعة، فقد أصر ان يكتب الدستور بأياد عراقية، وتحقق له
ما اراد رغم ان العراق كان واقعا تحت احتلال اجنبي شامل. وافلح ايضا حين فرض على
الكتل السياسية اعتماد القائمة الانتخابية المفتوحة. وكان هناك تطابق تام بين
ارادة الجماهير والمرجعية. ورغم ما لنا من مآخذ على الدستور او قانون الانتخابات،
لكن لنا ان نتصور كيف سيكون حالهما لولا تدخل السيد السيستاني.
كلما ألَمـَّت بالعراق نازلة او استعصى حل عقدة ما،
تتوجه انظار الجماهير والفعاليات السياسية بكل اطيافها وايديولوجياتها نحو النجف
الأشرف أملا بحلٍ يقدمه المرجع الاعلى ليهتدي به المختلفون. والآن، إذ نحن في خضم
ازمة كبرى تعصف بالبلاد من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه وفي ظل ظرف اقليمي
شديد التأزم، فإن الانظار تتوجه مرة أخرى نحو النجف الأشرف بانتظار حل يجود به
السيد السيستاني كما فعلها سابقا. وبذلك فإنّ دور المرجعية العليا لن يكون مقتصرا
على تعريف الناس بأمور الحلال والحرام فحسب، بل عبر المساهمة في توفير الحياة الآمنة والرغيدة للشعب.
اذا كان مرجعنا الاعلى يتصور ان القوى السياسية قد بلغت
سن الرشد وانها ليست بحاجة للنصيحة والتصويب؛ فأود بكل تواضع ان اخبره ان أمله في
ليس محله، فالبلد ينحدر من سيء الى اسوأ، والسياسيون عاجزون عن ايجاد مخرج لأيٍّ
من أزمات العراق المتفاقمة التي تتكاثر كالذباب.
حاولت ان اتجنب مخاطبة السيد السيستاني خوفا من أن لا
أُحْسِن التعبير فَيُساءَ فهم مقصدي، ولكني تسلحت بحبي واحترامي وثقتي به، والله
من وراء القصد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق