مقال منشور بتاريخ 2011-08-03
أسفرت جلسة طرح الثقة في مفوضية الانتخابات عن الإبقاء عليها رغم أن جميع من صوتوا بالضد من إقالتها ( فيما عدا التحالف الكردستاني الذي أوضح الناطق باسمه أنهم لم يقتنعوا بالتهم الموجهة للمفوضية ) أعلنوا بمنتهى الوضوح أن المفوضية لا تخلو من عيوب، إلا أن تلك العيوب لا تبرر بقاء البلد بلا مفوضية طالما أن تعيين مفوضين جدد قد يستلزم وقتا طويلا لا يتماشى مع الاستحقاقات الانتخابية القادمة، من انتخابات المجالس البلدية في إقليم كردستان في السنة الحالية، والمجالس البلدية في بقية أنحاء البلد في السنة القادمة بإذن الله.
وكان رد فعل النائبة حنان الفتلاوي، التي بذلت جهودا جبارة لإقالة المفوضية بناءا على أسباب موضوعية ووقائع أثبتتها بالأدلة الدامغة، كل ذلك دفعها لتوجيه اتهامات قاسية للكتل العربية في البرلمان، الشيعية والسنية، ( دون أي ذكر للتحالف الكردستاني ) عبر اتهامهم بمهادنة الفساد والسكوت عنه، أما ردود القوى السياسية الأخرى المنضوية تحت لواء التحالف الوطني فقد كانت بمنتهى النضج والتفهم، حيث أكدوا أنهم لا يريدون أن يزجوا البلاد في أزمة جديدة في ظل غياب التوافق بين الكتل السياسية مما يسبب بالتأكيد في تأخير تعيين مفوضية جديدة تتولى إدارة الاستحقاقات المذكورة سابقا، وهنا، أود أن أشيد باللغة الرائعة التي أجاب بها أعضاء التحالف الوطني على هجوم النائبة الفتلاوي اللاذع.
أوضحت كافة مكونات التحالف الوطني أنها مع المالكي قلبا وقالبا، ولكن ليس في كل ما يريده، فرغم أنهم ساكتون، على مضض، عن سجال الوزارات الأمنية، إلا أنهم ليسوا راضين عن التأخير الحاصل في حسم هذا الملف رغم تأكيدهم الدائم على حق القائد العام للقوات المسلحة في قبول من يراه مناسبا لتلك الوزارات، أي أنهم ببساطة، أوضحوا أنهم لن يمنحوا "دولة القانون" شيكا على بياض؛ فكل شيء سيخضع للتمحيص والتدقيق، وإنهم سيراعون مصالحهم ورؤاهم. وذكـَّرَ النائب بهاء الاعرجي بالاستجواب السابق الذي أجراه النائب كريم اليعقوبي أواخر العام قبل الماضي للمفوضية نفسها ومطالبته بإقالتها، إلا أن طلبه لم يحظ بالتأييد بداعي دنو موعد الانتخابات النيابية. أما النائب عزيز العكيلي، فقد ذهب إلى ابعد من ذلك وثبـَّتَ اعتراضه على محاولات إملاء الإرادات من قبل حزب [= حزب الدعوة] أو شخص [= السيد نوري المالكي]. نحن نقرأ، بين السطور، بين الحين والآخر في تصريحات أطراف في التحالف الوطني يشكون فيها من تهميشهم وعدم إشراكهم بشكل فعال في الملفات الكبرى.
الجهة الوحيدة التي كان ردها جافا وحادا هي كتلة التحالف الكردستاني كما هو معتاد. وموقف "الكردستاني" كان متوقعا، على الأقل بالنسبة لي، بناءا على إشارات ورؤى أفصحوا عنها منذ أواخر نيسان الماضي، فالمزاج السائد لدى الأكراد هو في الإبقاء على فرج الحيدري باعتباره مرشحهم لهذا الموقع، وهم لا يقبلون أبدا أن يمس أي من تابعيهم، تحت أي عذر.
إنّ تصويت التحالف الكردستاني بالضد من إقالة المفوضية، حرر "دولة القانون" من الزواج الكاثوليكي القسري مع التحالف الكردستاني، وظهر ذلك جليا في المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي أعقب إقرار مجلس النواب للترشيق الوزاري الذي طلبه المالكي، ففي معرض رده على اعتراض التحالف الكردستاني على عدم تضمين البرنامج الحكومي للمادة 140، أجاب المالكي بأنها مادة دستورية، وللتحالف الكردستاني الحق بالاعتراض عبر التصويت في مجلس النواب حين يطرح البرنامج الحكومي للتصويت. وهذه إشارة مهمة جدا، ليس لأحد أن يعطل إرادة الأغلبية تحت أية ذريعة.
وذهب الأكراد ابعد من ذلك، واعتبروا إعلان النائب حسين الاسدي نيته رفع دعوى قضائية لتنحية الرئيس جلال طالباني عن منصبه لرفضه توقيع أحكام الإعدام، بأنه رد انتقامي على عدم تصويت التحالف الكردستاني على إقالة المفوضية. رغم أن "مشروع" دعوى النائب حسين الاسدي اجتهاد شخصي لم تتبناه كتلته، ولو أن الأخير أوضح أن خمسين نائبا أيدوه في مسعاه.
الأمر المهم لنا كمواطنين هو إصرار النائبة الفتلاوي على متابعة ملف فساد المفوضية عبر إحالته للقضاء، كي لا ينجو من سيُثـْبِت القضاء فساده من العقاب. وطالما أن القضية باتت بيد القضاء، فإنني أرجو من السيد فرج الحيدري أن يتوخى الدقة حين يقوم بتقديم دفوعاته، ليس كما اعتاد أن يفعل في لقاءاته التلفزيونية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فهو ينكر انه يقضي مدد طويلة خارج الوطن، ويتذاكى علينا بإبراز جوازه العراقي ليرينا خلوه من أختام المغادرة والدخول، في حين نحن نعلم جيدا انه يحمل جوازا سويديا إضافة لجوازه العراقي، والسلطات السويدية لا تؤشر المغادرة والدخول على الجواز السويدي، بل تؤشر ذلك الكترونيا فحسب، وهو أمر لم يفت النائبة حنان بالتأكيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق